بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غزة- علي الفرا- يرى أكرم عبد الشافي الذي أصبح على مشارف العقد الرابع من عمره دون أن يتزوج أن سبب تأخر الشباب في الزواج بقطاع غزة هو غلاء المعيشة والبطالة، وأنهم يتحملون كافة تكاليف الزواج وحدهم، ولديهم الكثير من الالتزامات التي ترهقهم ماديًا ونفسيًا.
وكانت وكالة الغوث الدولية 'الأونروا' أصدرت تقييمًا قاتمًا للوضع الاقتصادي في القطاع، يوضح أن نسبة البطالة ارتفعت بشكل حاد حيث تجاوزت 45% حتى أصبحت ضمن أعلى النسب في العالم، وانخفضت الأجور وارتفعت أسعار المواد الأساسية مع دخول الحصار الإسرائيلي للقطاع عامه الخامس.
ويعزو عبد الشافي أسباب العزوف عن الزواج إلى غلاء المعيشة بشكل عام وتدني القوة الشرائية للعملة المحلية 'الشيقل'.
وعبر عن أسفه لمبالغة الكثير من الآباء والأمهات في المهور ومتطلبات الزواج، بالتزامن مع الارتفاع الحاد لأسعار الذهب في الآونة الأخيرة.
من جانبه، قال المواطن محمد عوني (32 عامًا) وهو لم يتزوج بعد: 'يُعد شراء الذهب للعروس في غزة جزءًا أساسيًا من المهر لإتمام عملية الزواج. غلاء المهور وارتفاع أسعار الذهب منعاني من التفكير في الزواج في الوقت الحالي، خاصة أنني موظف حكومي أتقاضى راتبا لا يزيد عن 1500 شيقل'.
أما بلال صافي، وهو صاحب محل مجوهرات في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، فقال إن ارتفاع أسعار الذهب سبب ركودًا كبيرًا في قطاع بيعه، إذ يتعذر على الشاب شراء متطلبات خطيبته من الذهب، خاصة وأن الدخل ثابت والأسعار متغيرة نحو الارتفاع.
وأشار إلى أن شراء الذهب بات يقتصر على الأثرياء، بينما عمدت الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل لبيع ما تملكه من مجوهرات للعيش بثمنه.
وقال صافي إن 'بعض الشباب يأتي للمحل قبل إحضار خطيبته وأهلها ويتفق معه على عرض القطع ذات الوزن الخفيف والسعر الرخيص حتى لا يتعرض للإحراج'.
وأكد عبد الرحمن سامي، وهو صاحب محل ملابس بمدينة غزة، أن غلاء الأسعار انعكس سلبًا أيضًا على قطاع الملابس، خاصة ما يتعلق بتجهيز العروس، وأن القدرة الشرائية انخفضت بشكل ملفت عما كانت عليه في السابق.
وأضاف سامي أن 'أعداد المقبلين على الزواج في انخفاض مستمر، وأن هذا يظهر بجلاء من انخفاض نسب زبائنه الذين يأتون لتجهيز العرائس'.
ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأقصى حمدي فاروق، أن هناك عدة عوامل لتأخر سن الزواج خاصة بين الشباب المتعلم من الجنسين، كالمتغيرات المتسارعة نحو التغريب، والقيم المبثوثة عبر ثورة الاتصالات، وتدني الثقافة الدينية.
وقال: 'الرجل بغزة لم يعد بوسعه توفير تكاليف الزواج في ظل ارتفاع نسب البطالة، بالإضافة إلى عدد السنوات التي يستنفذها في إتمام دراسته ثم البحث لسنوات عديدة عن عمل وانتظار توفيره للمهر العالي المطلوب'.
وأشار فاروق إلى أن المهر متطلب مادي أساسي للزواج في ثقافة المواطنين بغزة، وأنه تغير بالاتجاه السلبي جراء تفشي القيم المادية وأخذ في الارتفاع بشكل لافت في العقد الأخير إلى حد تعذر معه توفيره بالنسبة لكثير من الشباب، ما أسهم في ارتفاع نسب العازفين عن الزواج.
وتابع: 'هناك إصرار من قبل الأهل على تحقيق شرط الذهب وبقيم عالية كجزء أساس من المهر لإتمام عملية الزواج، الأمر الذي أصبح تحقيقه وضبطه بسبب تقلبات أسعار الذهب يوميًا، متعذرًا، ما أسهم في ابتعاد الشباب عن الزواج'.
ودعا فاروق إلى إطلاق حملة للتوعية بأهمية زواج الشباب وضرورة تيسيره، بدءًا من الأسر نفسها مرورًا بالمساجد والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة، للمحافظة على منظومة العفة والانضباط الأخلاقي والإسهام في تقليل نسب الانحراف.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]