الاصلاح طريق المصالحة

القوى العلمانية و اليسارية ، بالاضافة لبعض الشبان الحريصين على المصلحة الوطنية الفلسطينيه،

يعدون لتنظيم احتجاجات معارضة للانقسام ، و تدعو للوحدة الوطنيه في الضفة الغربية و غزة .

من حيث المبدأ لا احد يعارض وحدة الصف و الكل مدرك لخطورة الانقسام و تداعياته الكارثية

على المشروع الوطني الفلسطيني . بيد ان رفع الشعار بهذا التجرد يمثل مشكلة تعرقل الوصول

لتحقيق الهدف . لانه لا يأخذ بالاعتبار حقيقة الاوضاع الفلسطينية و اسباب الانقسام و طرق حلها .

قوى اليسار التي اصبحت هامشية لا وزن لها في الساحة الفلسطينيه نتيجة تبعيتها الكاملة

لسلطة السيد عباس ، و لان الاخير هو الممول لفصائلها ، و لان هذه الفصائل رهينة لشعارات رفعتها منذ

عشرات السنين و اهمها التمثيل الشرعي و الوحيد للمنظمة ! و كأن المنظمة اصبحت غاية بحد ذاتها و ليست

جبهة متحدة للوصول الى الهدف و هو التحرير و الدولة المستقلة و عاصمتها القدس الشريف . قوى

اليسار هذه تريد انقاذ عباس الذي خسر معظم اوراق قوته فهو لم يفلح حتى بتجميد الاستيطان لفترة

قصيرة ، و تراكمت عليه فضائح الفساد و المساومات التي كشفت عنها قناة الجزيرة و هي مساومات

خطيرة بكل ما في الكلمة من معنى . بالاضافة لخسارته الكبيرة بسقوط اكبر حليف و داعم له و هو

النظام المصري البائد . لهذا فإنهم يريدون الهروب الى الامام بتقوية عباس من خلال شعارات الوحدة

و رفض الانقسام التي لا يختلف بشأنها اثنان في الساحة الفلسطينيه . و يريدون احراج فصائل المقاومة

في غزة التي تريد انهاء الانقسام من خلال اصلاحات حقيقية في الساحة الفلسطينيه ، و في المقدمة

منها : وقف التنسيق الامني مع الاحتلال ، و رفض المفاوضات و اعتماد خيار المقاومة . و اطلاق

سراح المعتقلين في سجون السلطة ، و اطلاق الحريات و منع الاعتقال السياسي . و اصلاح مؤسسات

المنظمة على اسس وطنية و محاسبة المفسدين و تقديمهم للعدالة . و تفعيل مؤسسات السلطتين التشريعية

و التنفيذية التي انقلب عليهما عباس و مجموعته بعد الانتخابات الاخيرة . اذن لا للانقسام و نعم للوحدة

و لكن على اساس اصلاحات حقيقية لان واقع النظام الفلسطيني لا يختلف في جوهره و حقيقته عن واقع

الانظمة الفاسدة التي تثور عليها الشعوب العربيه حاليا بل ربما أسوأ منها في بعض المجالات . و لا يصح

في اي حال من الاحوال وضع الجميع في سلة واحدة تحت شعار لا للانقسام . لان الاصلاحات الحقيقية

تؤدي الى انهاء الانقسام فورا من خلال تلاشي أسبابه . يجب على شباب فلسطين ان يدركوا هذه الحقيقة

و يرفعوا شعارات واضحة : لا للفساد .. لا للتنسيق الامني .. لا للاعتقالات السياسيه .. لا لسياسة التعذيب ..

لا للتفرد و المساومات .. نعم لمحاسبة الذين قدموا تنازلات في القدس .. الذين ساوموا على حق اللاجئين .

الذين يقدموا المعلومات للعدو عن المقاومة .. الذين يعتقلوا المقاومين . نعم لمحاسبة الذين نهبوا اموال

الشعب الفلسطيني ،الذين تآمروا مع العدو خلال الحرب على غزه و شاركوا في الحصار . نعم لمحاسبة

الذين انقلبوا على خيار الشعب ، و عطلوا المؤسسات التشريعيه و التنفيذية .

نعم يجب ان يخرج الشباب الفلسطيني الى الشارع بحرية و بلا ضغوط و بلا الاعيب من أي طرف .

و يجب ان يقولوا كلمتهم الواضحة الصاخبة في وجه الانقسام و مسببيه ، الذين استفردوا

بالقرار الفلسطيني على مدى نصف قرن تقريبا و شكلوا مؤسساتهم بالتعيين و الفئوية دون

العودة للشعب الفلسطيني ، و لم يحترموا ارادة الشعب عندما قال كلمته في الانتخابات الاخيرة .

ان الشعارات الفضفاضة غير الواضحة قد يستغلها البعض لمآربه الفئوية بعد أن ظهر حجمه الحقيقي

في الانتخابات التشريعيه ، و بعدما تبين انه غير فاعل لا في السياسة و لا في المقاومة . فرأى

استغلال فرصته الثمينه في خضم الثورات الملتهبة في الوطن العربي !