منتديات شهداء فلسطين
منتديات شهداء فلسطين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لكل المسلمين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
تصويت
الاسم الافضل للمنتدى
منتدى شهداء فلسطين
سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Vote_rcap76%سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Vote_lcap
 76% [ 34 ]
منتدى شهداء غزة
سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Vote_rcap24%سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Vote_lcap
 24% [ 11 ]
مجموع عدد الأصوات : 45

 

 سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابا محمد
المدير العام
المدير العام
ابا محمد


عدد المساهمات : 794
نقاط : 1767
تاريخ التسجيل : 24/04/2010
الموقع : منتديات شهداء فلسطين

سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Empty
مُساهمةموضوع: سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2   سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Empty2010-05-01, 9:57 am

تابع(1)
فرحل عن الدنيا
وترك بصماته في جهاده ومقارعته للعد الصهيوني .
وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه موقع القسام ابو العز شقيق الشهيد القسامي القائد محمود المبحوح "ابو العبد " ....

ـ بداية لو تحدثنا عن حياة الشهيد ابو العبد .
كان في صغره من الشباب الملتزمين من البداية، نشأ في بيت إسلامي حيث الوالد والإخوة، كان ملتزم وكان رياضي يمارس لعبة كمال الأجسام ورفع الحديد، فكان يتمتع ببنيان قوي مع بلوغ سن العشرين فتح ورشة ميكانيكا سيارات في غزة، وكان من المعدودين في قطاع غزة الذين يمارسوا الميكانيكا في السيارات، والورشة كانت محطة تعارف مع الحركة حيث كان يصلح عنده الشيخ صلاح شحادة وبعض الأخوة الآخرين الذين بعد ذلك أصبحوا مجموعات، تزوج من هنا في غزة وعنده عبد الرؤوف وثلاث بنات.
وعندما خرج من فلسطين كان متزوج، حيث كان مطارد، هناك بعض وكالات الأنباء تقول أنه مبعد، هو ليس مبعد هو خرج بعد مطاردة الاحتلال له وخرج عن طريق مصر.
عندما خرج كان معه بنت وولد، في عام 89 لم يذهبوا له إلاّ تقريباً في 97 عندما سافروا له كانت هذه أول مرة يرهم فيها.

ـ كيف كان انضمام أبو العبد إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام ؟
بحكم أنه ميكانيكي ومن الملتزمين انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين قبل انطلاق حركة حماس، فكانت جماعة الإخوان المسلمين والمجمع الإسلامي وبعض المساجد والجمعيات الإسلامية، فكان ملتزم في المجمع الإسلامي.
خلال عمله في ورشته تعرف على الشيخ صلاح شحادة ومن هنا بدأت العلاقة التنظيمية، كانت تجمعهم علاقة جيدة جداً جداً، وبدأت التدريبات العسكرية على السلاح وما إلى ذلك، هو ومحمد نصار ومحمد شراتحة، والذي نظمهم للجهاز العسكري لحماس هو الشيخ صلاح شحادة رحمه الله.
بدأت عمليات الإعداد تقريباً في 88 بعد إنطلاق الحركة بعامين، انضموا مباشرة وكونوا مجموعات عسكرية، حيث كانت أول العمليات العسكرية بشكل رسمي وكان يطلق عليها جهاز مجد العسكري، وبدأ يباشر العمل العسكري بشكل فعلي كعمليات في بداية 89 بأوامر من الشيخ صلاح شحادة كان معتقل في السجن على خلفية تنظيم حماس كان معتقل الشيخ صلاح في غزة ومن هناك خرجت الأوامر إلى هؤلاء الثلاثة بتنفيذ العمليات العسكرية وهي عمليات خطف للجنود فنفذوا عملية خطف الجندي الأول في شهر 2 عام 89 ولم يكشف عن جثته إلاّ بعد 80 يوم من اختطافه، وفي شهر 5 من نفس العام تم اختطاف الجندي الآخر وهو إيلان سعدون كان بين الأول والثاني تقريباً ثلاث شهور، الأول كان عملية خطف لهدف القتل أي بمعنى عملية تجربية ونجحت، والجندي الثاني كان عملية قتل بهدف الأسر والإبقاء عليه على قيد الحياة، لكن عندما قاموا باختطافه منذ اللحظة الأولى فأراد أن يدافع عن نفسه وحينها اضطروا إلى قتله، والذي كشفهم أن السيارة لم تحرق كالأولى، ولكن من ضيق المال وضيق الإمكانيات قالوا نبيعها ونشتري بثمنها سيارة أخرى لنقوم باختطاف جندي آخر، ومن هنا كشفت العملية والسيارة وتم التعرف عليهم في التحقيقات.

ـ كيف كانت نظرته للعدو الصهيوني المحتل؟
أبو العبد كان قبل الانتفاضة الأولى سجن في الـ 86 لمدة عام على حيازة سلاح، منذ اللحظة الأولى التي انضم فيها للحركة الإسلامية وبدأ بتلقي الدروس والتوعية فهو كان من طموحاته أن يقاوم العدو فكان ينظر إليهم بعين أنهم عدو ويجب إخراجهم من الأرض، وهذا تبين منذ اللحظة الأولى قبل انطلاقة الإنتفاضة الأولى، في الـ 86 حاول حيازة أسلحة وبالفعل تمكن من حيازة قطعة سلاح، وبعدها طلب من التاجر أن يحضر له قطع أخرى لتكوين نواة عسكرية قبل انشاء الحركة، يومها اعتقل لمدة عام، ومن هنا بدأت رحلة الحقد الأخرى من أبو العبد تجاه هذا الاحتلال الغاصب، وبدأت رحلة العمل والتفكير للعمل جدياً، وبالفعل بعد عام ونصف وعامين كانت عمليات خطف الجنود.

ـ متى كانت عملية المطاردة ؟ وكم عام استمرت؟
هو كان مطلوب للعدو في 13-5-1989 طلب رسمياً، فلم يكن في البيت ومن هنا أصبح مطارداً هو ومحمّد نصّار، عملية المطاردة في غزة كانت ملاحقة شبه روتينية وشبه يومية للحاق بهم، كان الصهاينة على مدار الساعة يبحثوا عنهم، خاصة وأن جثة الجندي لم يكونوا قد عثروا عليها، فكان من المهمات الأولى للاحتلال اعتقال هذه الخلية حتى يدلوا على مكان الجثة ومن ثم اعتقالهم أو تصفيتهم، وبدأت المطاردة في قطاع غزة حيث استمرت من 40 إلى 50 يوم ومن ثم استطاعوا الخروج إلى الخارج، استطاع أبو العبد الخروج إلى الخارج عن طريق الحدود مع مصر.


ـ كيف كان تواصلكم معه في الخارج، ومتى كانت آخر مرة تحدثتم معه؟
التواصل في الخارج في المدة الأخيرة كان عن طريق الإنترنت، ولكن بعض من إخوانه تمكنوا من رؤيته و البعض الآخر والكثير لم يتمكن، الوالد والوالدة تمكنوا من رؤيته في عام 2004 .
ونحن كذلك كان الجانب المصري يعيدنا على المعبر، آخر مرة تكلمت معه ليلة سفره إلى دبي، يوم الاثنين ليلاً اتصل بي وهو يجهز في الحقائب ويوم الثلاثاء سافر واستشهد هناك.

ـ كيف تلقيتم نبأ استشهاد أبو العبد رحمه الله؟
نبأ استشهاده كان صدمة لنا، والحمد لله رب العالمين صبرنا، ولكن كانت صدمتنا اكبر لأنه كان في الغربة وهذا ما زاد الأمور صعوبة أنه كان مغترب واستشهد في الخارج، لم نستطع توديعه في اللحظات الأخيرة، وهذا كان مشكلة تواجهنا والوالد والوالدة والأخوة جميعاً حيث لم نشارك في جنازته، ولكن من اللحظة الأولى كنا صابرين واحتسبنا أمرنا لله لأننا كنا على هذا الطريق فهو اختار هذا الطريق منذ اللحظة الأولى، ولم نكن متفاجئين أن يأتي خبر استشهاده أو خبر اغتياله، لأنه كان على مدار الساعة ملاحق من قبل العدو الصهيوني، وقد نجا من عدة محاولات اغتيال في السابق.

ـ في تصريحات عن عائلة الشهيد أنه تم اغتياله عن طريقة خنقه وصعقه بالكهرباء ، هل هناك أدلة على ذلك؟
نحن تلقينا الخبر الرسمي من قبل الحركة ومن قبل العائلة في دمشق الساعة الثانية ليلاً ، بعد أن استلموا الجثمان من دبي، استلموه حوالي الساعة العاشرة والنصف بعد الاطلاع على التقارير الطبية والتحقيقات، وتم أبلاغنا الساعة الثانية ليلاً أن أبو العبد تم اغتياله عن طريق شخصان وعن طريق صعقة كهربائية في خلفية الرأس ومن ثم تم خنقه، لكن التحاليل أثبتت أنه تم خنقه عن طريق مادة سامة، والآن جاري التحقيق.

ـ ما هو سبب التأخر عن إعلان أن الموساد يقف وراء عملية الاغتيال ؟
نحن كان معنا خبر منذ اللحظة الأولى أن هناك علامات تدل أنه تم اغتياله، ولكن الحركة في الخارج وهنا ونحن في العائلة تريثنا إلى أن تمت التحقيقات حتى تكون الصورة واضحة للجميع، لأنه منذ اللحظة الأولى لم نتهم بدون أدلة، كان التأخير الهدف منه التستر والتكتم على التحقيقات الجارية حتى لا نشوش على ما يجري هناك في دبي.

ـ رسالة إلى مجاهدي القسام في الداخل والخارج، وكيف تتوقعون الرد؟
أ هدي خبر استشهاد أبو العبد لكل مجاهدي حماس ولكل أعضاء كتائب القسام، وأقول لهم أن حركتنا لن تقف على شخص واحد، نعم المصاب جلل الخسارة كبيرة، ولكن أبو العبد كان واحد من ضمن آلاف المجاهدين ونحن على ثقة بالله عز وجل وفي مجاهدينا في القسام أنهم لن يزيدهم ذلك إلا قوة وعنفواناً وطبيعة الرد على العدو نتركها للمتخصصين في هذا الشأن.

مـقــــــالات
المبحوح مات أم قتل

الجزء الأول
بقلم: د.مصطفى اللداوي
إنه علمٌ فلسطيني يعرفه الإسرائيليون، ويخشون اسمه، ويتحسبون من جهده، ويخشون عمله، قد أبكاهم لسنوات، وأرق كثيراً قادة كيانهم عسكريين وسياسيين، وأذاقهم لباس الذل والهوان، مرغ بالتراب بزتهم العسكرية، ولاحق جنودهم المدججين بالسلاح، فبالوا على أنفسهم خوفاً منه، أثار اسمه وإخوانه الرعب في قلوب الجنود الإسرائيليين، فباتوا يتلمسون في الشوارع خوفاً من الاختطاف، بحثوا عنه في كل مكان، داهموا بيته، واعتقلوا أشقاءه وأمه وزوجته، وأطلقوا النار على أفراد أسرته، وسحلوا شقيقه في الشوارع، كمنوا له في مكان عمله، وأمطروا العاملين فيه بوابلٍ من الرصاص، وربطوا له في الأزقة والطرقات، انتظروه في بيته، فلمالم يجدوه دمروا بيته، وهو البيت العامر ببناءه ورجاله، إذ فيه رجال مقاومون، وشبابٌ مقاتلون، وأبٌ كبير سابقٌ بالخيرات، مرفوع الهامة، موفور الكرامة، مهاب الطلعة، يحتضن المقاومة، ويرعى المجاهدين، وينام وعينه مفتوحة تحرس بيوت الفلسطينيين، قد أنجب رجالاً ونذرهم كلهم لفلسطين، كباراً وصغاراً، حفدةً وبنين، نساءاً ورجالاً، كلهم قد سكنت فلسطين قلوبهم، وعمرت المقاومة حياتهم، فبيتهم بيت المقاومة، قد سكنه قادة المقاومة الكبار، فكان موئلاً للقائد الكبير الشهيد صلاح شحادة، الذي أسس وقاد أول عمل عسكري وأمني لحركة حماس في فلسطين، واتخذ من هذا البيت مقراً لقيادته العسكرية، إنه سليل أسرةٍ قُوْتها المقاومة، ومدادها الدم، وصفحاتها صفات عزٍ وكرامةٍ وإباء، لا يعرف الذل، ولا يقبل بالهوان، ولا يستسيغ الاستكانة.
إنه محمود عبد الرؤوف المبحوح، الفلسطيني الممتلئ قوةً وعنفواناً وحماسةً، والمسكون بالمقاومة، والحالم بالقتال، والساعي للمواجهة، ابن قرية بيت طيمة، التي كانت يوماً تابعة لقضاء غزة، كثير من الفلسطينيين يعرفونه، كما كان يعرفه الإسرائيليون، فيذكرون الشاب المتقد قوة وعنفاً، الذي كان يوماً يسكن مخيم الثائرين جباليا، ويجوب في شوارعه بسيارته البيجو، التي كانت تتميز عن غيرها دائماً، كونه يدير ورشة صيانة سيارات، التي كان يخفي فيها ووراءها كل أنشطته العسكرية، وقد اتخذ منها مقراً للتنسيق العسكري مع شركائه في المقاومة، إنه المقاتل بصمت، والمجاهد في الخفاء، والمناضل بلا جلبةٍ ولا ضوضاء، الرجل الذي نذر حياته ومستقبله وبيته وماله من أجل فلسطين وأهلها، فتحمل في سبيلها أذىً كثيراً، واحتسب ما لاقى عند الله سبحانه وتعالى، ولم يمنعه ما وجد من الاحتلال من مواصلة طريق الجهاد والمقاومة .
أبو الحسن محمود بهي الطلعة كان، حسن الهندام، أنيقٌ في ملبسه، نظيفٌ في ثيابه، عبق الرائحة، متزن الخطى، يسير مرفوع الرأس، منتصب القامة، سريع الخطى، كصخرةٍ تهوي، وجلمودٍ يسقط، لا يلتفت إلا إلى هدفه، لا تشغله الدنيا بفتنها، ولا المدينة ببهرجها، ولا الأشياء بجاذبيتها، كريم النفس، سخي اليد، معطاءٌ بلا حدود، متلافٌ للمال بلا حساب، يهدي من أنفس ما يملك، ويعطي من أطيب ما تجود به نفسه، يبش لمن أحبه قلبه، ويحسن استقباله، ويبالغ في الحفاوة به، يدعوه إلى بيته، ويكرمه كما يكرم أهله، ولكنه عبوسٌ مقطب الجبين تجاه من يكره، لا ينافق ولا يهادن ولا يداري، صادق اللهجة، نقي السريرة، لا يعرف الخبث إلى صدره سبيلاً، ولا إلى عقله طريقاً، يقسو أحياناً على من يحب ليقوم اعوجاجاً رآه فيهم، أو يصحح خطأً عرفه عنهم، يهب لنجدة الضعفاء، ويساعد الفقراء، شهامةً ونبلاً عن أسرته قد ورثها، فأبوه والشهامة والنبل صنوان لا يفترقان، على حاله مازال، رغم مضي الزمان، وتقدم العمر .لمن أحبه قلبه، ويحسن استقباله، ويبالغ في الحفاوة به، ولكنه عبوسٌ مقطب الجبين تجاه من يكره، لا يناق ولا يهادن ولا يداري، عطي منتشغله الدنيا بفتنها، ولا المدينة ببهرجها، ولا الأشياء بجاذب
محمود المبحوح صنو ابن الوليد خالد، لا ينام ولا ينيم، ولا يعرف غير الوغى والقتال سبيلاً للعيش، ولا يرى في غير السلاح وسيلةً للعزة والكرامة والنصر، وقد أقسم أن ينسي الإسرائيليين وساوسهم وأضغاث أحلامهم، وأن يعلمهم دروساً في المقاومة والصمود لا ينسوها، طاردوه فطاردهم، قاتلوه فقاتلهم، لاحقوه فلاحقهم، أرهبوه فأرهبهم، كانوا يفرون من مواجهته، وكان يصر على مواجهتهم، لم يكن في حياته مكان لغير المقاومة، ولا شيئ يشغل تفكيره غير قوة المقاومة، وتمكين رجالها، وتعزيز صمود مقاتليها، وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه من سلاحٍ ومال، فكان له في كل معركةٍ دورٌ وسهم، شارك في غيابه، وقاتل في حضوره، وترك في كلِ مكانٍ له بصمةً لن تنسى.
رجلٌ كالطود العظيم مهابةً ورجولةً، لا يقوى على منازلته أحد، ولا يستطيع مصارعته رجل، يبطش بخصمه، ويصرع من يتجرأ على مبارزته، كثيرةٌ هي الشواهد على رجولته وشهامته ونبل أخلاقه، وعديدة هي الحوادث التي كشفت عن جرأته وجسارته وقوة قلبه، لا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً، ولا يتردد إذا عزم على فعل شيئ، يخشاه من يسمع صوته المجلجل، وصراخه المرعد، يدافع عن رأيه بقوةٍ وإيمان، ويتمسك بثوابته بعزيمةٍ وإصرار، ولكن دموعه قريبة، وعيونه بكاءة، سرعان ما تذرف عيونه الدموع على أهله وشعبه في فلسطين، ذرف الدموع غزيرة عندما اغتال الإسرائيليون قائده صلاح شحادة، ورفض الاستسلام لحقيقة شهادته، واصر على أنه مازال حياً وباقياً، وأن القنبلة التي كانت تزن ألف كيلو جرام، والتي ألقيت على الحي السكني الذي كان يسكنه صلاح شحادة في حي الدرج بغزة، لم تقتله، وأنه مازال يقود جحافل المقاومة في غزة، بكى أبو الحسن عليه كثيراً، وانتحب من أجله لا حباً فيه وحسب، وإنما حباً في المقاومة، وخوفاً على مسارها، وقلقاً على استمرارها وديمومتها، تبكي عيونه لطفلٍ صغيرٍ يتأوه، ويحزن لمنظر يراه معبراً عن حالة شعبه، يثور على صمت العرب، ويهتاج على عجز الأشقاء، ويكاد يتفجر غضباً وهو يرى غزة وحدها تلتهب، وغيرها صامتٌ لا يضطرب ولا يحرك ساكناً، يكز على أسنانه بغضب، ويضرب بقوةٍ بقبضة يده الطاولة أو الجدار، أو يلوح بقبضات يده في الهواء، متوعداً مزمجراً معاهداً على الانتقام، ويقسم بالله أن يذيق الإسرائيليين ويلات ما أقدموا عليه، ليندموا على جريمتهم، وألا يفكروا في العودة إلى مثلها من جديد .
إنه رجلٌ من جيلٍ قد مضى، عز فيه النظير، وندر فيه المثيل، إنه يتبع رجالاً كانوا قد عاهدوا الله على النصر أو الشهادة، فانتقاهم الله من بيننا، واختاره سبحانه وتعالى عن قصدٍ من بين جمعنا، قد غاب عنا المبحوح، هو شهيد عند الله نحسبه، قد ارتقى إلى العلا وروحه في قناديل تحت عرش الرحمن معلقة، هو اليوم مع النبي محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، والشهداء الأخيار، يباهي بما وجد عند الله الدنيا وكل ما فيها، غاب ابو الحسن عن الدنيا ولم يلوِ فيها على شيئ، غاب وهو مسكونٌ بالمقاومة، مهمومٌ بإخوانه في الرباط والميدان، يفكر كيف ينصرهم، ويعمل لتحصين مواقعهم، ويجهد نفسه كيف يجعلهم أقوى سلاحاً، وأمضى عزيمةً، وأشد شكيمةً، وأقوى على النزال بما يملكون من عتادٍ وسلاح، ولكن هل تراه قد غاب عنا موتاً، أم أن يد الغدر قد نالت منه غيلةً وغدراً، فهل قتلته إسرائيل بيدها، أم كلفت يداً قذرة أخرى بقتله، أم نال منه شانئوه، وقتله مبغضوه، وانتقم منه سجانوه ؟ ...
سلام الله عليك أبا الحسن، وغفر الله لك، وأسكنك فسيح الجنان، وجمعك مع خير خلق الله، وأجلسك مع أصحابك الذين سبقوك، ياسين وصلاح، والرنتيسي والريان، وغيرهم ممن أحببت من صناديد المقاومة، وأبطال الصمود، معك أبا الحسن في كل يومٍ نتابع، وغداً من أجلك نحاول أن نعرف ...هل مُتَّ أم قُتلتَّ ... وسنرى ...

المبحوح وإرادة الصمود
الجزء الثاني
بقلم: د.مصطفى اللداوي
حياة تزخر بالجهاد والمقاومة على مدى أكثر من ثلاثين عاماً هي عمر مقاومته، وسني صموده، وصفحات عمره الطويلة المليئة بالجرأة والجسارة والتحدي والإرادة الصلبة، لم يتوقف خلالها أبو الحسن المبحوح عن القيام أو التفكير بالمقاومة، وفي الوقت الذي انشغل فيه آخرون بالتربية والإعداد، كان أبو الحسن يحمل بندقيته على كتفه، ويجوب وإخوانه بساتين مخيم جباليا والمنطقة الشرقية ومسجد حسن البنا على شاطئ المخيم، متدرباً على السلاح، مخططاً لمهامٍ قتالية، متحفزاً لمواجهة، أو متهيئاً لهجوم، ولم يكن أبو الحسن يعرف الخوف أو التردد، أو يدرك حسابات التوازن العسكري، أو مقاييس التكافؤ في القوى، بل كانت الجرأة عدته، والجسارته خطته، والتحدي منهجه، وقبضة يده تلوح في الأفق، بوجهٍ عابسٍ غاضب، ثائرٍ على الضعف، رافضٍ للاستسلام، يتحدى الظروف الصعبة، ويواجه الخطوب المعقدة، وكان ضباط الأمن الإسرائيليين المشرفين على مخيم جباليا، يعرفون هذا الشاب ذي الهمة العالية، والحركة السريعة، والأكتاف العريضة، والعضلات المفتولة، الذي ما ينتهي من صلاته حتى يهب واقفاً لمكان العبادة الآخر، الذي كان يقضي فيه جل أوقاته، فكانوا يخشون من غيابه، ويخافون من حضوره، فيباغتونه في بيته، أو يفاجئونه في مقر عمله .
وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قد تعرضت في الرابع عشر من شهر آب / أغسطس من العام 1988 لأول ضربةٍ أمنية إسرائيلية، إذ قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال المئات من نشطاء حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، فغصت معتقلات أنصار "3" في النقب وسجن السرايا بغزة بنشطاء حركة حماس، وطالت الاعتقالات الشهيد القائد صلاح شحادة، الذي كان يشرف على النشاط العسكري للحركة، وقد كان يدير من بيت أبي الحسن المبحوح معظم عملياته العسكرية، ويشرف على تكوين الخلايا العسكرية الجديدة، ويتابع فعاليات الإنتفاضة الوليدة، وكان محمود من قبل قد قضى بصحبة الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي في سجن غزة المركزي قبل اندلاع الانتفاضة الأولى مدة عامٍ، بتهمة حيازةِ أسلحةٍ نارية، التي كان يحرص على حيازتها دوماً، إذ لم يكن يتحرك في غزة إلا ومسدسه على جنبه، أو في سيارته، وكان قد تهيأ له ولإخوانه سلاحٌ وفير، حيث كانت مجموعاتٌ عسكرية استطلاعية تقوم برصد السيارات الإسرائيلية التي تحوي أسلحة نارية، بينما يقوم آخرون بجلبها من مختلف المدن الإسرائيلية إلى قطاع غزة، حيث كان المبحوح وبعض العاملين معه، يشرفون على نقل الأسلحة من السيارات الإسرائيلية إلى أيدي المقاومة، الأمر الذي مكن مجموعات المقاومة الأولى من حيازةِ أسلحةٍ نارية ساعدتهم كثيراً على مباشرة العمليات العسكرية.
ولكن الضربة الأمنية الإسرائيلية الأقوى والأشد ضد حركة حماس، كانت في مايو / آيار عام 1989، وفيها اعتقل شيخ الانتفاضة الشهيد أحمد ياسين، وآلافٌ آخرون من نشطاء الحركة، وذلك إثر العمليتين العسكريتين النوعيتين، اللتين قام بهما المبحوح وإخوانه، حيث نفذوا أول عملية أسر ضد جنود العدو الإسرائيلي، وقاموا في العمق الإسرائيلي بأسر وقتل الجنديين الإسرائيليين آلان سعدون، وآفي سبورتس، في أول عمليةٍ عسكرية نوعية تقوم بها حركة حماس، فجن جنون قادة العدو الإسرائيلي، وأخذوا يتخبطون بحثاً عن الفاعلين، وبدأت الملاحقة الأمنية الأولى والأشد لأبي الحسن وإخوانه في داخل قطاع غزة، ولكنه كان يتحرك أمام أعينهم بخفة، فيسبقهم إلى بيته، ويجلس مع أهله، ويغادر بيته قبل وصولهم، أو أثناء مداهمتهم، ولكن أحداً من الجنود الإسرائيليين لم يقوَ على اعتقاله، ونفذت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بحقه عمليات ملاحقة ومداهمة وكمائن كثيرة، في مناطق عديدة من أحياء مدينة غزة ومخيم جباليا، ولكن أبا الحسن كان يقفز دوماً من فوق الأسوار، ويمشي فوق الأسطح، وعيون الإسرائيليين لا تدركه، وقبضاتهم لا تصل إليه، ونيران بنادقهم لا تطاله، فقد كان يراهم ويتابعهم، ويمشي خلفهم ويلاحقهم، ولا يخشى من التفاتتهم، ولا يحسب حساباً لقوتهم.
وانتقل أبو الحسن من غزة حيث المقاومة والتحدي، إلى خارج الوطن فلسطين، في عمليةٍ أقضت مضاجع الإسرائيليين وأذهلتهم، إذ كيف تمكن من الفرار والإفلات من الحصار المطبق على قطاع غزة، وهم الذين يلاحقونه في كل مكان، ويتابعون آثاره في كل أنحاء قطاع غزة، ويحلمون في اليوم الذي يلقون فيه القبض عليه، لينتقموا منه وقد مرغ بالتراب بزة جنودهم العسكرية، ولكن أبا الحسن كان كالضوء يتسلل، وكالهواء ينفذ، وكالظل بصمتٍ يتحرك، فلا يعرف بتحركه أحد، ولا يطلع أحداً على برامجه، يعتمد على حسه، ولا يخالف حدسه، عيناه لا تنامان، تتحركان في محجريهما في كل مكانٍ، تسجلان كل شئ، وترصدان كل حركة، فلم يكن يهمل أي معلومةٍ ولو صغرت، وكان يدرك أن الإسرائيليين لن يدعوه وشأنه في خارج فلسطين، وأنهم سيلاحقونه للنيل منه وتصفيته، ولكنه كان قد عزم على مواصلة الطريق الذي بدأه، ولن يتخلى عن نهج المقاومة الذي ارتضاه لنفسه، غير مبالٍ باليوم الذي تنال منه إسرائيل أو عملاؤها.
أدرك أبو الحسن أن إسرائيل لا يرغمها شئ غير القوة، ولا يكسر غطرستها غير عنفٍ أشد وأقوى، ولا يضع حداً لعدوانها إلا مقاومة صلبة، وإرادة قوية، وتحدي لا يلين، وأيقن أن الشعب الفلسطيني قادر على الصمود والمقاومة، وأنه قادر على منع إسرائيل من الاستمرار في الاعتداء عليه، ولكن الصمود يتطلب قوة، والقوة تحتاج إلى سلاح، وأن الشعب الفلسطيني إذا امتلك سلاحه فلن تقوَ إسرائيل على سحقه، ولن تتمكن أي جهةٍ من مصادرة حقه في دولته ووطنه وعودة أهله، فبدأ رحلةً شاقة من السفر والترحال، من بلدٍ إلى آخر، بحثاً عن سبل دعم المقاومة، وتسليح رجالها، فطاف في كل مكان، وزار كل البلاد، ونسج من أجل هدفه علاقاتٍ كثيرة، وصنع تحالفاتٍ عديدة، ونجح في مهمته نجاحاً كبيراً، أثار حنق وغضب إسرائيل وأعوانها، فلاحقته عيونهم في كل مكانٍ يكون فيه، ورصدت حركته، وتابعت سفره، وأعدت الخطط لتصفيته، وكلفت جهاتٍ عديدة بالبحث عنه ومراقبته ومتابعة تحركاته، ولكنه كان لهم دوماً بالمرصاد، يقظاً حذراً، يفشل مخططاتهم، ويعطل خططهم، فلم تنجح كل الجهود الذي بذلت من أجل النيل منه، ولم تتمكن عمليات الاعتقال والتضييق والتعذيب التي تعرض لها، من منعه من مواصلة طريقه، واستكمال مشواره، ولم تثنه عن عزمه، ولم تفت في عضده، بل كان يخرج دوماً بعد كل محنة أشد قوة، وأقوى مراساً، وأكثر عناداً، غير مبالٍ بكل ما يجد من صعابٍ وتحديات، بل كان يستخف بقوة العدو، ويستعظم إرادة المقاومين، وكان يشعر أن العدو يعيش مأزق قوة المقاومة، وصلابة إرادتها.
أيها الفلسطينيون، بل أيها العرب والمسلمون، يا من تعلقت قلوبكم بغزة وهي تحت القصف، وبتم تخافون عليها من الانكسار، وتخشون على المقاومة من الهزيمة، أنتم في حضرة رجلٍ عظيم عزيزٍ، لا يقبل بالإهانة، ولا يرضى بالذل، ولا يستسلم للضعف، ولا يعترف بالعجز، وقد كان له فضلٌ كبير في صناعة انتصار غزة والأمة، وصمود المقاومة، إنه واحدٍ من كثير كان لهم الفضل الكبير في ثبات المقاتلين وشدة بأسهم، إنه أحد الذين يقفون بصدقٍ وراء قوة المقاومة، التي آمن بها وعزّز سلاحها، ومكن رجالها من امتلاك الكثير من أسباب القوة والمنعة، وعمل بصمتٍ لسنواتٍ طويلة كجنديٍ في الخفاء، بعيداً عن الأضواء والإدعاءات، مضحياً بخصوصياته وحاجاته الشخصية، يتابع ويرصد ويوجه ويحرك، ولم يكن ينتظر غير الشهادة، وبجهوده ذاق الإسرائيليون ويلات الموت ومرارة الهزيمة والانكسار، وعرفوا أن في فلسطين رجالاً كالجبال الشم الرواس، وأبطالاً كالنجوم في علياء السماء، فحق لنا أن نفخر بك أبا الحسن ونعتز، وأن نباهي بجهادك ومقاومتك، فإن غبت يا أبا الحسن فإن جهدك سيبقى، وأثرك لن يزول، والقوة التي زرعت سنحصد ثمارها اليوم أو غداً عزةً وانتصاراً، وسيبقى اسمك لدى الأمة كلها في الخالدين، سيذكره الطالعون، وسيحفظه المقاتلون، وسيخلده المنتصرون، لذا فنحن معك يا أبا الحسن في كل يومٍ نتابع، رغم أن جثمانك بعد لم يوارى الثرى، إلا أننا معك غداً ومن أجلك سنحاول أن نعرف ... هل مُتَّ أم قُتلتَّ ... وأنت ثالث الثلاثة ...

المبحوح قبل أن يوارى الثرى
الجزء الثالث
بقلم: د.مصطفى اللداوي
سبعة أيامٍ مضت على استشهاد محمود عبد الرؤوف المبحوح ولم يوراى بعدُ الثرى، ولم يتلقَ أهله فيه العزاء، ولم يقيموا له في الوطن والشتات بيتاً للعزاء، فمازال جثمانه مسجىً في مستشفيات دبي، حيث أخضع لعملياتٍ دقيقة من الفحص والمعاينة والتشريح، ولم يتمكن أحدٌ من أهله من رؤيته، أو إلقاء نظرةٍ عليه، ومازال الجميع في انتظار نتيجة التشريح، والتي قد توافق رسمياً أو تخالف ما ذهبنا إليه، ولكن أياً كانت النتيجة فإنها لن تضعف اليقين لدينا بأنه قتل، وهو ما سنبينه تباعاً، فهو ليس أول المستهدفين بالقتل، إلا أنه كان أحد أهم المطلوبين، كمالم يكن الوحيد على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، أو على أجندة اهتمام ومتابعة ومراقبة وملاحقة بعض الأجهزة الأمنية العربية، التي كانت تنشط بدرجةٍ كبيرة في جمع المعلومات عنه وعن إخوانه، وقد كانت ترصد تحركاته، وتتابع سفره، وتجمع المعلومات عن منطقة سكنه، وعن المناطق التي كان يرتادها، أو الجهات التي كان يزورها، أو الأشخاص القريبين منه، وكانت تراقب وترصد وتتابع سيارته، وتحاول أن تعرف أين تبيت، وكم تمكث في أي زيارة، وقد رصد بنفسه عشرات الأشخاص الذين كانوا يلاحقونه، وألقى القبض على بعضهم، وقد اعترفوا بارتباطهم ببعض الأجهزة الأمنية العربية، وأنهم كانوا يجمعون المعلومات لصالحها، وأنهم كانوا مكلفين من قبل قيادتهم الأمنية بمتابعة تحركات أبي الحسن، وتدوين وتسجيل كل شئ يتعلق به، إلا أن الله كان يحميه دوماً من مؤامراتهم.
وكان أبو الحسن يدرك أنه متابع وملاحق من قبل الموساد الإسرائيلي، وأنه أصبح على رأس قائمة المطلوب تصفيتهم، وأنه يسعى للنيل منه وتصفيته، وأنه لن يدخر جهداً في استهدافه أينما كان إذا ما أتيحت له الفرصة، ولكنه كان يدرك أن بعض الأجهزة الأمنية العربية كانت تلاحقه، وتقتفي أثره، وتجمع عنه المعلومات، وتدون كل شئٍ يتعلق به، وهو يعلم أن هذه المعلومات لا تفيد إلا العدو الإسرائيلي، ولا ينتفع بها غيره، ولا يبحث عنها جهازٌ أمني آخر، ولكن إسرائيل ما كانت لتنجح وحدها في رصده وجمع المعلومات عنه، ولهذا فقد احتاط لنفسه، وبالغ في الحيطة والحذر، فلم يكن يعلم أحداً غير قيادته بتحركاته، ولا بوجهته في السفر، وكان في كل مكانٍ يسافر إليه، يجد من يساعده في تنقلاته، ويتابعه عن بعد، وكان يشتري تذكرة سفره بنفسه في يوم سفره، ويحرص على عدم الحجز المسبق، وغالباً ما كان يموه في سفره، ويسافر إلى غير الوجهة التي يقصدها، ومن هناك يغير خط سير رحلته، وكان يختار الفندق الذي سيقيم فيه بنفسه، دون مساعدةٍ من أحد، ولم يكن يكرر الإقامة في ذات الفندق، كما كان يعتاد على تغيير مكان إقامته في السفرة الواحدة، ولم يكن الشهيد أبو الحسن يأكل شئياً في الفندق، أو في أي مكانٍ لا يثق فيه أو في أصحابه، بل كان يخرج إلى الأماكن العامة، ويختار عشوائياً مطعماً أو محلاً لبيع الأطعمة الجاهزة، وكان يشتري كل شئٍ بنفسه، ويحرص على شرب الماء من زجاجات المياه المعدنية التي كان يشتريها بنفسه، ويتأكد من أنها مغلقة، وأنها لم تفتح من قبل، رغم أنه كان يشتريها بنفسه، ويستخرجها بنفسه من البرادات أو من الصندوق، أما بالنسبة لإقامته فقد اعتاد على تغيير مكان سكنه، ولم يكن يعلم كثيرين عن عنوانه، ولم يكن يشارك في الأنشطة العامة، أو المناسبات العامة، وكان يحرص على عدم الإكثار من الزيارات الاجتماعية، ولم يكن يستخدم هاتفه النقال إلا نادراً، وكان يعتمد في اتصالاته على بطاقات الإتصال العامة، كما لم يكن يجيب على الأرقام المجهولة التي لا يعرفها، وخلال تنقله كان يراقب سيارته جيداً، ولا يستقلها قبل أن يتأكد من سلامتها، ومن أن العلامات الأمنية التي كان يتركها في السيارة أو حولها، لتشير أنها لم تتعرض لأذى، ولم يقترب منها أو يمسها أحد، فضلاً عن أنها كانت تخضع للمراقبة طوال فترات توقفها، وكان طوال مسيره في سيارته يتابع السيارات من حوله، وكانت عيناه تتابعان السيارات التي تسير أمامه أو خلفه أو تقترب منه، وقد كان حسه الأمني يقظاً إلى درجةٍ كبيرة، ولم يكن يترك شيئاً للمصادفات، كما لم تكن لديه حسابات لحسن النية، أو سلامة المقصد، وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات، وهذه الحيطة الأمنية البالغة، فقد استهدفوه بغيرهم فقتلوه ونالوا منه.
كان أبو الحسن يدرك أنه مستهدف، وأن يد الغدر ستنال منه، وأن الطريق الذي سلكه ستنتهي به إلى الشهادة، وأن العدو ومن يعمل له لن يتركه وشأنه، فالعدو يدرك عظم الدور الذي يقوم به، وخطورة المهمة التي انبرى للقيام بها، ويدرك العدو أيضاً مدى جسارته وجرأته، وأنه دائماً على استعدادٍ للتحدي والمواجهة، ويدرك أبو الحسن نفسه أن الراية التي حملها، والأمانة التي يعكف على أداءها أمانة عظيمة، وأن الذين سبقوه في حملها قد سقطوا شهداء، وقد لاحقهم العدو حتى نال منهم، وقد ظن أنه بقتلهم سيقضي على روح المقاومة، وسيوقف سيل السلاح، وسيحول دون الدعم والعون والإسناد، وقد سبقه إلى الشهادة رفيق دربه الأول، وشريكه في جهاده، الشهيد عز الدين الشيخ خليل، وكانا قد عملا معاً لسنوات، وأديا الكثير من المهام، وتحديا معاً العديد من الصعاب، وحققا معاً نقلةً نوعية في استراتيجية المواجهة والصمود ضد العدو الإسرائيلي، الذي كان يرى في عز الدين الشيخ خليل خطورةً توازي الخطورة التي تركها الشهيد عز الدين القسام ومازال، فدربا مقاتلين جدد، ونقلا مجاهدين أكفاء، وسلحا المقاومة بأنواع الأسلحة المختلفة، وعملا معاً بصمتٍ لسنوات طويلة، ولكن أبا الحسن وبعضاً من إخوانه، حملوا بصدقٍ وإيمان راية عز الدين، وتابعوا من بعده المسيرة، وساروا على ذات النهج، غير مبالين بما ينتظرهم على الطريق، بل كان وإياهم يتطلعون إلى اليوم الذي يرتقون فيه إلى العلى شهداءً.
أراد أبو الحسن أن يجعل من المقاومة الفلسطينية جوزةً لا تنكسر، وإرادةً لا تتحطم، وعزماً لا يلين، وقد كان يتطلع إلى مقاومة حزب الله، وقد أعجب بقتالهم، وارتبط بكثيرٍ من قادتهم، وكان أول من ينتابه الحزن إذا نال العدو من أحدهم، ولكن الحزن ما كان يقعده أو يصيبه بالعجز، بل كان يدفعه نحو مزيدٍ من العزم والجلد والإصرار، وإن كان يرى في مقاومة حزب الله نموذجاً ومثالاً، فإنه كان يرى في المقاومين الفلسطينيين عزماً أشد، وقوةً أكبر، وجرأة أكثر، فالمقاومة الفلسطينية تفتقر إلى العمق وإلى النصير، وهي تعاني من القيد والسجن والحصار، والعدو يلاحقها في كل مكانٍ، ويضيق عليها سبل العمل، ولكنها رغم كل ذلك قادرة على النيل من العدو، وإلحاق خسائر في صفوفه، ويوم أن سقط عماد مغنية شهيداً بكى أبو الحسن، وذرفت عيناه بحزن، فقد كان يعرف عظم مكانة ودور هذا الرجل، والأثر الكبير الذي تركه في مقاومة حزب الله، والألم الكبير الذي ألحقه بالعدو الإسرائيلي وقادته، ولكنه كان يؤمن أن الشهادة حلم المجاهدين، وأمل المقاومين، وأن الله هو الذي يختار الشهداء من بيننا، وأنه سبحانه ينتقي ويختار الشهداء من خيرة عباده.
أبو الحسن المبحوح، المقاتل الشرس، والمقاوم العنيد، والوطني الصادق، والفلسطيني الأصيل، المسكون بالمقاومة، المؤمن بالنصر، والحالم بالعودة، رغم قوته فقد كان بكاءً، شديد التأثر، رقيق الحس، مرهف المشاعر، يحزن لما يلقى أهله وشعبه، ويبكي لبكاء الأطفال، وصراخ النساء، ويحزن على رحيل الأحبة والشهداء، فيقسم عند كل اعتداء أن ينتقم، ويكز على أسنانه، ويضرب بقوةٍ بقبضةِ يده، أن دم الشهداء لن يذهب هدراً، وأن حلم إسرائيل بالأمن لن يدوم، وكما أبكى العدو أمهاتنا، فإن اليوم الذي تبكي فيه نساؤه قادمٌ لا محالة، وكان الحزن دوماً يملأ قلبه، ويطغى على ملامح وجهه، عندما يتذكر الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون العدو الإسرائيلي، وفيهم رفاقه الذين شاركوه مقاومته في أيامه الأولى، ولكن أمل تحريرهم في نفسه لم يمت، ولم يتسرب اليأس إلى قلبه أن محمد الشراتحة وروحي مشتهى وآلاف المعتقلين الآخرين، يوماً ما سيرون الحرية، وسيعانقون أعزةً أحراراً من جديد شمس فلسطين، وكان يعمل بجدِ لمثل هذا اليوم، فيا أبا الحسن إن غبت عنا اليوم فإن شمس الحرية غداً ستشرق على إخوانك جميعاً، وهم من يقولُ أنك قتلت ولم تمت، وغداً سنرى ...

صور للشهيد




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]










قادة حماس وذويه يلقون نظرة الوادع على جثمانه الطاهر



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]










مسيرة تشييع الشهيد محمود المبحوح






[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]







مهما عملوا بك
ومهما هودوا فيك
فأنت
دائما لنا وليس لهم
انتظر اقصانا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohadah-falsten.yoo7.com
عطر الشهادة
عضو فضي
عضو فضي
عطر الشهادة


عدد المساهمات : 541
نقاط : 878
تاريخ التسجيل : 06/04/2011
العمر : 30
الموقع : https://sohadah-falsten.yoo7.com

سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2   سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2 Empty2011-04-16, 6:33 pm

مشكور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة الشهيد القائد القسامي محمود المبحوح
» سيرة الشهيد القسامي المجاهد بهاء الغرابلي
» سيرة الشهيد القسامي القائد رامي نزار ابوسويرح
» سيرة الشهيد القسامي القائد جهاد عزات ابوسويرح
» صورة للشهيد القسامي القائد : محمود محمد الصفدي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شهداء فلسطين :: اقسام الشهداء والجرحى :: قسم سيرة الشهداء-
انتقل الى: